الاثنين، 2 يناير 2017

تنفيس، بس كدا

أكتب هنا لأنّ تويتر صار مكانًا ما عدت أفهمه ولا أشعر أننّي قادرة على الكتابة الحرّة السّاذجة فيه. أشعر فيه بالقرف والغربة والوحشة، والقرف، وأنّ أعينًا ما تلاحقني، وأنّني أحتاج إلى غطاء ما. أكتب وأحذف وأكتب وأحذف.. أكره أنّني فورما أنتهي من كتابة شيء ما، هناك، أعود فأقرؤه وأشعره أنّه لا يمثّلني، أنّني غريبة عنه. كلّ ما أكتب في كلّ مواقع التّواصل، لسبب ما خفيّ، صار لا يمثّلني، ولا أعرف أين تكمن المشكلة بالضّبط. وكأنّني ما عدت أعرف أعبّر عن نفسي هناك، وكأنّ كلّ شيء يخرج منّي صار يستحيل إلى كائن مستقلّ له القدرة على تغيير ملامحه بنفسه.

على العموم، أوجدت اليوم بعض المصادر لبحثي عن "ستالين"، هذا الكائن غريب الأطوار. كان ضعيفًا وهشًّا ومجنونًا يختلق العظمة ويصوّرها حتّى لا يكشف أحد حقيقته. الكثير من الدّراسات تشير إلى أنّه كان بأفعاله المجنونة، حين تولّي الرئاسة، يحاول أن يعوّض ما فاته في طفولته.. كان تابعًا لظروفه بشكل واضح لا يخفى على محلّل نفسيّ. كان يُشتم ويُضرب في طفولته حتّى صار يفشي غضبه على شعبه حينما قُدّر له أن يخلف لينين في رئاسة الاتحاد السّوفييتي. كان لا يثق بأحد، ولا يثق بقدراته أحد، فصار حين تولّي الرئاسة يوزّع المخبرين السّريين، ويعلّق صورًا كبيرة في كلّ أرجاء وأزقّة وجدران بلدان الاتّحاد بشكل يوحي بأنّه يراقب شعبه، حتّى أنّ أفراد العائلة الواحدة ما عادوا يأمنون بعضهم البعض، بطريقة تشبه الوضع الذي صوّره جورح أورويل في ١٩٤٨، وستالين كان، بلا منازع، أخًا كبيرًا. كان يستعمل سياسة الخوف والتّخويف، ولا يخاف لومة لائم في القتل. قتل ستالين من شعبه عددًا يفوق الذي مات منهم في الحربين العالميّة الأولى والثانية. كان مخبولًا. أكرهه بشدّة، من كلّ قلبي، وأتمنّى لو يعود فأبصق في وجهه. لا شيء فيه جذّاب، كان كذبةً كبيرة.

الدراسات التي أجريت في كلّ من ستالين وهتلر مهولة، لم تترك شيئًا يصدر منهما، لا حرفًا ولا إيماءةً ولا حتّى الطريقة التي يقف أو يجلس أو يصفّق بها كلّ منهما إلا شملته دراسات المحلّلين والمفسّرين والمؤوّلين. لا أستطيع أن لا أفكّر بعد كل الدّراسات الّتي اطّلعت عليها عن مصير الّذي أكتبه هنا مثلًا. أتساءل عن كيف سوف يبدو المستقبل، عمّن سأصير إليه. أتساءل إن كان ما أنشره بإرادتي سوف يُؤوّل بشكل ما مسخ لا يشبه الذي كان يسكن قلبي/عقلي حينما صدر منّي. أتساءل عن مصير دفاتري، دفاتر مذكّراتي، هل ستحلّلها الأعين عندما أموت؟ ياللهول! أتمنّى أن تتعامل عائلتي مع أشيائي بسريّة تحترم خصوصيّتي، هذا إن افترضنا أنّني سوف، أكون، أكثر من فتاة تهلوس في أنصاف اللّيالي على الإنترنت لغرض التّنفّس والهرب.

عندما أتأمّل العام الفائت، أشعر بتوجّس حيال هذا العام الّذي سيأتي. كان عامي الفائت أصعب عام مرّ عليّ بلا منازع، بعد عام ٢٠١٢. كان حافلًا بالخيبات والمفاجآت والمفاجعات، والفقد، والذهول من فرط بشاعة الواقع. إنجازي الأكبر الذي خرجت منه هو أنّني لم أجنّ. صرت أوعى نعم، وتعلّمت أشياء كثيرة، ولكن هناك أشياء، بالمقابل، أشعر أنّها ماتت فيّ ورحلت إلى الأبد. ربّما هذا الّذي أسمّيه موت هو نضج ليس إلّا. لا أعلم. المهم أنّني تغيّرت، كثيرًا، بشكل صارخ. منذ رمضان الفائت فقط، تغيّرت عندي أفكار كثيرة، أعني كثيرة، كثيرة جدًا، وجوهريّة جدًا، ومفصليّة جدًا. قرأت كثيرًا وسألت كثيرًا عن تلك الأسئلة التي كانت تمزّقني، لم أجد حلولًا كاملة بعد، ولكنّي وجدت الكثير من الإجابات التي أنارت بداخلي أنوارًا هدّأت من روع الجهل عندي. صرت أكثر صبرًا وتريّثًا فيما يتعلّق بالبحث عن الإجابات، ما عادت الأسئلة تقتلني كما كانت تفعل في الماضي، أو ربّما، كلّ الأسئلة الّتي كانت تقتلني وتقضّ مضجعي وتجعلني أبكي قبل النّوم وبعد الاستيقاظ، أوجدت مهدّئات لها. أتساءل إن كانت نوبة التّساؤلات المزعجة ستعود مرّة أخرى، تلك الّتي استمرّت أطول ممّا يجب. 

على طاولة الغداء بالأمس، كان أخي الصّغير يُسابق بين إصبعيه السّبابة والوسطى وهو يقلّد الطّريقة الّتي يتكلم بها معلّقو الكرة، الإصبح الأوّل كان "عبدالله" والإصبع الثاني كان "عبدالرحمن"، أبناء جارتنا. تبيّن فيما بعد أنّه أخذ درسًا في مادّة لُغتي عن سباق الهجن، وأنّه كان يقوم بإصبعيه بسباق هجن لأنّ أبناء جارتنا اسم العائلة خاصّتهم هو "الهجن". ضحكنا لمدّة ٥ دقائق، ثم شرحنا له أنّ المقصود بسباق الهجن هو سباق الجمال، لا سباقًا بين أبناء جارتنا. هذا النّونو الذي لا يكبر، ولن يكبر في عيني أبدًا، لا أستطيع أن لا أراه كائنًا "لزّوزًا" صالحًا للتقبيل رغم أنّه يكاد يصير في طولي. 

*تم حذف ١٠ أسطر كانت مكتوبة هنا لغرض السّتر على النّفس*


خلاص، كفاية. كان عندي الكثير من السّواليف في عقلي ولكن ينبغي أن أكمل ما تبقّى من مهام. الكتابة هنا ممتعة يا جماعة، بخلاف أيّ مكان آخر. تصبحون على خير، يومي غدًا سيكون حاااافلًا جدًا. نتمنّى أن يكون حافلًا بطريقة مُرْضِية، لا مرَضِيّة. هه ه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق