الاثنين، 20 يونيو 2016

عن نسب الفضل

تخيل لو أنك بعد سنين من المحاولة والبذل والكدّ والتيه والدعاء تحصل على النتيجة التي لطالما كنت تحلم بها، على نجاح أو وظيفة أو.. شريك! تخيل أنك تجد يومًا بعد يوم أن شريك الحياة الذي اخترته ودعوت الله ليلًا ونهارًا لأجل أن يكون الشريك الذي تريد- هو الشريك الممتاز والمناسب والمفصّل تفصيلًا،، تخيل لو أنك بعد مضيّ سنين من حيرة وضياع وعثرات، تجد الحل جوابًا شافيًا، وأن الحيرة التي مضت كان أسئلة فتقت أوجه الحل، وكانت سببًا في بنائه طوبة طوبة، خطوة خطوة،، تخيل لو أنك كنت تتألم وتكره ألمك، وتحاول أن تتشبث بخيوط الإيمان ما استطعت، وأن تفهم الحكمة من وراء كل ما تجده، ثم بعد فترة تفهم كل شيء، وتنظر وراءك لتجد أن الألم بتدبير عجيب أوصلك إلى مناطق ما كنت تحلم للوصول إليها، أنه أكسبك صحبة في الطريق كانت سلوى وأنس امتدت بعدها صداقة عمر، وأنه جعلك ترى أنوارًا وتخوض آفاقًا، وفوق كل ذلك زودك بالقوة اللازمة والحكمة المطلوبة حتى تمضي فيما ستمضي،،

 تخيل أنك بعد كل ما تجد من مستقبل مضيء يجيب عن تساؤلات الماضي، وبعد أن تجد في الماضي الذي كرهت خطوات مهدت طريقك الذي تحب، فتحب كل خطوة عبرت من خلالها،،

 تخيل أنك بعد كل ذلك لا تجد من تنسب إليه فضل التدبير، فضل الاطلاع على الأسئلة التي تمزقك في داخلك، فضل العلم بصدقك في شق الطريق الفهم؛ لتجد من بعد ذلك جوابًا مفصلًا شافيًا، وتجد إيمانك السابق مجديًا، مجديًا جدًا، ومفضيًا إلى كل ما تحب!

 تخيل أنك بعد كل ذلك لا تستطيع أن تنظر إلى فوق وتغمض عينيك في لحظة صدق وفرح تعجز كل الجوارح عن التعبير عنه، وتقول في سرّك شكرًا يا رب، شكرًا لأنك تطلّع على السر، شكرًا لأنك أقرب إليّ مني، شكرًا لأنك لا تضيع إيمان المؤمن وصدق الصادق ومساعي الساعي، شكرًا لأن كل شيء سابق في علمك، شكرًا لأنك تعرف الماضي والحاضر والمستقبل وتدبّره كله في حكمة بالغة، تخفى علينا في حين لتشع أنواره في حين لاحق.

 تخيل أنك لا تستطيع أن تنسب كل الفضل الذي تجد لرب واحد عالم مدبر هادٍ؟ تخيل أنك في أوج فرحتك تنسب كل ذلك لنفسك وأنت تعرف أنه ما جاء من نفسك،، تخيل أنك في لحظة الدهشة السعيدة تلجأ إلى أن تنسب كل ما وجدت بيأسٍ إلى الصدفة.. الصدفة ذاتها التي لجأ إليها داروين ليفسّر وجود الروح الأولى. أجزم بعظم الخيبة التي تُلجئ الطبيعيين أمثال داروين وأتباعه إلى نسب الفضل كله والإعجاز كله إلى الصدفة.. أشفق على كم الوحدة والحيرة، على الخيبة واليأس، وأشكر الله لأنه الله، لأنه هو الرب، لأنه العظيم صاحب الفضل، لأنني أستطيع أن أنسب إليه الفضل بعلم تام بأنه هو صاحبه، بيقين تام وحب تام..
 لأن هداني أولًا لأن أؤمن به إن استحالت طرق الوصول ومعرفة الحكمة في علمي القاصر، وأن أشكره بعد أن تتجلى لي الحكمة وأفهم، فأزداد به يقينًا، وله حبًا.

 أنت الأول والآخر والظاهر والباطن.. سبحانك.